«الإصلاح» في عدن .. اغتيالات في ظل الشراكة
يمنات
إسماعيل أبو جلال
شهدت مدينة عدن طيلة السنوات الـ3 الماضية سلسلة طويلة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت شخصيات سياسية وعسكرية، راح ضحيتها مئات الضحايا، كان في مقدمتهم المحافظ اللواء جعفر محمد سعد، الذي لقي حتفه في حادث إرهابي بمنطقة التواهي في يوم 6/12/ 2015، وقد توجهت أصابع الاتهام آنذاك الى تنظيمي «القاعدة» و«الدولة».
الاغتيالات لم تتوقف عند حدود معينة، بل توسعت لتستهدف شخصيات سياسية وحزبية داخل المدينة، لتأتي في محصلتها النهائية على عشرات الضحايا، لعل أبرزها الاستهدافات التي طالت أئمة المساجد من السلفيين وقيادات مهمة من حزب «التجمع اليمني للإصلاح». الغموض لا يزال يكتنف تلك العمليات، خاصة أنها ما زالت مقيدة ضد مجهولين، ما يؤكد بجلاء استفحال حالة الإنفلات الأمني، وفشل مختلف الطرق والمعالجات الأمنية التي اعتمدها «التحالف»، في تجنيده لقوات موازية لسلطات حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتمثلت في قوات «الحزام الأمني» وألوية الدعم والاسناد، وقد انيط بها مهام إقامة نقاط الرقابة والتفتيش على مداخل وأحياء مدينة عدن، وصولا إلى مداخل مختلف المدن والمناطق المهمة في المحافظات المجاورة لها (لحج، أبين، الضالع).
هذه الإجراءات أخذت طريقها نحو الفشل الذريع، لتظل مدينة عدن مسرحاً لعمليات الاغتيالات التي لم يعد يمر أسبوعا واحداً، من دون أن يحمل في طياته خبراً عن عملية اغتيال تم تنفيذها، أو نجاة أحد المستهدفين منها، حتى أصبحت هذه العمليات مثار جدل الشارع العدني واليمني عموما، وسط حالة من الدهشة أصابت الجميع مؤخراً، نتيجة لاستهداف عناصر سلفية أو تابعين لحزب الإصلاح بالدرجة الأولى.
إهمال «الإصلاح»
شهدت الأسابيع الأخيرة اغتيال عدد من ناشطي حزب «الإصلاح» في مدينة عدن، كان آخرها اغتيال مدير مدرسة البنيان في مديرية المنصورة، رمزي محمد الزغير، حيث أقدم ملثمون يستقلون دراجة نارية صباح يوم الأحد 23 من الشهر الجاري، على إطلاق وابل من الرصاص عليه في باحة المدرسة، ولاذوا بالفرار، ليرتفع عدد ضحايا الاغتيالات من العناصر التابعة لحزب «الإصلاح» إلى أكثر من 25 عنصراً، خلال السنوات الـ 3 الماضية.
موقف الحزب بقي في حدود بيانات لإدانة العمليات التي تستهدف عناصره، ملقياً باللائمة على وزارة الداخلية وأمن محافظة عدن، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات، خاصة أنه الحزب الذي يمثل أكبر الأحزاب التي لها ثقل في حكومة الرئيس هادي.
إلى ذلك، تحدث إلى «العربي»، الصحافي فهمي الشعيبي، قائلاً: «من المستغرب جداً أن يظل موقف حزب الإصلاح ينحو هذا المنحى من التجاهل لما يتعرض له عناصره في العاصمة المؤقتة عدن، فيما هو حزب مسيطر على مفاصل الحكومة، سيطرة شبه كاملة»، مضيفاً «تزداد حالة الغرابة من كونه على دراية بخصومه، ويعلم من هم؟ ومن يدعمهم!».
وأوضح أن «حزب الإصلاح يعلم أن إدارة أمن عدن تصنف كوادره بأنها عناصر إرهابية، ويروج شلال شائع دائما أن مهمته في امن المحافظة هي محاربة الإرهاب، وأنه حقق إنجازات في هذا الجانب، وتابعنا مرارا أن تلك التصريحات تأتي بعد اتهامات من ادارته لقيادات إصلاحية بدعمها للارهاب، خاصة عندما تم اقتحام مقر الحزب قبل عامين، والقبض على الأمين المساعد لفرع الحزب في عدن، والادعاء انه تم العثور على أسلحة وعبوات ناسفة فيه».
مستقبل الامارات
وأبدى الشعيبي استغرابه الشديد من سياسات حزب «الإصلاح» تجاه تصرفات إدارة أمن عدن، قائلاً: «أعتقد أن حزب الإصلاح لم يعد ذلك الحزب الذي كان قبل سنوات الحرب الأخيرة، كان له حضورا مؤثرا سواء من داخل السلطة أو من خارجها، فما الذي جعله يعيش هذا الوضع من السلبية وتجاهل مسؤولياته تجاه عناصره، لماذا لم يحم عناصره من خصومه المعروفين، والذين يصرحون عن انفسهم ليل نهار؟».
وأوضح أن «حزب الإصلاح، قادر لو أراد تغيير مدير أمن عدن مثلاً، وحتى تحميله نتائج فشله في إدارة أمن المحافظة، وإلحاق الضرر بعناصره، وإحالته بسبب ذلك الى القضاء في أي وقت، ومعروف أنه حزب يستطيع اقتناص الفرص في تحقيق أهدافه في مثل هذه الحالات»، متسائلاً: «ما الذي يدعوه إلى السلبية؟ لا اعتقد أنه شاخ وهرم، ولم يعد قادرا على حماية مصالحة والحفاظ على عناصره».
وفي رده على إمكانية خشية حزب «الإصلاح» من احتمالات الموقف الاماراتي منه في حالة اتخاذه إجراءات ضد خصومه في الداخل، قائلاً: «قد يكون ذلك سبباً، ولكن بمقدور حزب الإصلاح إعادة توجيه سياسات الحكومة وجعلها تصب في مصلحته، حتى في مواجهة الامارات، وممكن على أثر ذلك تحديد مستقبل بقاء الامارات في التحالف من عدمه، إلا أن سياسات حزب الإصلاح صارت في السنوات الأخيرة غير مفهومة للكثيرين».
الاحتقان الجنوبي
ويرى مراقبون، أن مواقف حزب «الإصلاح» من الاغتيالات التي تطال عناصره في عدن، لم تكن بسبب خشيته من مواقف دول في قيادة «التحالف»، وفي مقدمتها الامارات التي تضعه في قائمة الإرهاب، وتعلن عدم السماح له في ممارسة أي نشاط سياسي في المناطق التي يفترض وقوعها ضمن حكومة الرئيس هادي، وإنما السبب هو إدارك هذا الحزب لرصيده السياسي في الجنوب برمته، والذي لا يمكنه حلحلته بسهولة.
إلى ذلك تحدث لـ«العربي» الباحث أحمد بارادم ، قائلاً: «جاءت أحداث الإغتيالات الأخيرة لعناصر تابعة لحزب الإصلاح، بمثابة الرسالة الواضحة من قبل تيارات جنوبية، ربما ما زالت غامضة ولم تعلن عن نفسها، عبرّت من خلالها عن حالة الاحتقان لدى فئات واسعة من الجنوبيين، الذين لم يجدوا فيه حزباً سياسياً يستحق البقاء على الساحة الجنوبية، اسوة بغيره من الأحزاب، كالمؤتمر الشعبي أو الرشاد السلفي مثلا»، موضحاً أن «معظم فئات المجتمع الجنوبي ترى أن حزب الإصلاح هو من أصدر فتاوى تكفير الجنوبيين، وأباح دمائهم في حرب صيف 1994، وهو من جلب الميليشات الجهادية من أفغانستان لمقاتلتهم ونهبهم».
وانتهى بارادم إلى القول: «وتؤرشف وثائقيات الحراك الجنوبي، في السنوات السابقة للحرب الأخيرة؛ بأن محافظ عدن الاصلاحي وحيد علي رشيد كان هو الموجه المباشر لقتل المتظاهرين في عدن على يد القوات الخاصة، وراح ضحية تلك التوجيهات عشرات الضحايا».
وجد حزب «الإصلاح» إذاً في التجاهل لما يحدث لعناصره وسيلة مناسبة للحيلولة من دون بقاء حالة الاحتقان ضده من قبل الجنوبيين، ليتخذ مما يحدث ضد عناصره، ورقة رابحه ضد خصومه في المستقبل.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.